بعض الامور لا تتغير.
يبدو ان سياسة الصرف لا زالت السياسة الاهم التي تتبعها الحكومة منذ نحو 25 عاماً بكل إخلاص وتفاني. وهي حاضرة عند التعامل مع أزمة السكن المستفحلة، وغيرها من قضايا البلد.
ذكر معالي وزير شؤون الاسكان قبل يومين في محاضرة نظمتها جامعة الكويت في كلية العمارة بعنوان: “رؤية الكويت الإسكانية في ظل قانون المطوّر العقاري” أن القانون ”في مراحله النهائية، وسيسمح للأسر بالحصول على تمويل بنكي لامتلاك منزل، مع إمكانية تمويل الزوجين معًا“
ربما الوزير مثل الحكومة لا يتابعون احصائيات الطلاق حيث تتجاوز 50% من كل زواج جديد. ولا يتابعان شرائح دخل المواطنين، الاّ لزيادة الاعباء عليهم. ولا بأس بتقديم ”حل“ يدمج عنقي الزوجين والاسرة الكويتية بيد جهات التمويل.
الدمج كأداة تمويل فكرة قديمة. هي طبيعية صائبة مع وجود اسعار عادلة أو قريب منها ومع حالات استثنائية. يسبق الأدوات تنظيم وإدارة ورقابة مهنية على قطاع وسوق الاراضي والعقار. هذه الارضية الاساسية غائبة.
معاليه لم يقدم أفكار وحلول مجانية على الجميع تحلحل أزمة المواطنين بدون إغراقهم في الديون والصرف. حلول بيد المؤسسة العامة للرعاية السكنية يمكنها تطبيقها، لو شاءت.
على سبيل المثال، تغيير مفهوم “احتياجات الاسرة الكويتية” لماهيّة سكن الاسرة من النمط الحالي المُبالغ فيه، غير المعماري، غير المستدام، والمكلف للغاية، حتى يعود صحيحاً كما كان في الماضي القريب وكما هو في دول الخليج والعالم.

بإمكان المؤسسة ان تربط تسجيل المواطن طلب إسكان حكومي مع شهادته العلمية، مستوى دخله أو دخل والديه، و حجم ملكياتهم من اراضي وعقارات السكن الخاص بالتبعيّة، كي يناله المحتاجين فعلاً.
بيد الوزير والمؤسسة أيضاً منع المُتاجرة بالإسكان الحكومي. يتم عبر وضع شرط عدم التصرف بالسكن الحكومي، مبادلةً، بيعاً أو تأجيراً، الاّ بعد مرور فترة معينة. بعض الدول تحدده ب 5 سنوات، وبعضها يمنع تماماً.
كذلك، بإمكان المؤسسة لوحدها، أو بالتعاون مع بلدية البعارين، تضع شروط ومواصفات بناء خاصة بها للمشاريع الحكومية، وهي ناجحة في مساكنها.
فالنسب العالية خدمت الكثير في تحويل السكن الخاص، الحكومي وغيره، إلى عمارات استثمارية، ومن ثم تُقيّم وتتداول على هذا الاساس. السكن الحكومي البعيد يباع باسعر السكن القريب في السوٍ المفتوح!!
الخفض سيُعيد الاستعمالات والاسعار الى مستويات طبيعية عادلة، يُحسّن بيئة الاحياء السكنية. بالتوازي سيوقف الضغط على أزمة السكن وطلبات الإسكان. لطالما ادّعت ذلك الحكومة ومؤيدي التوزيع الحكومي على المخطّط مع كل مشروع اسكان.
الأمر الجديد الآخر الذي ذكره معاليه في وقت قريب ان المطوّرين سيطرحون منتجات اسكانية بأسعار تناسب فئات المواطنين.
أمر جميل. فربط أسعار سكن الاسرة الواحدة بشرائح دخل المواطنين، وان كان اجراءً متأخراً، أمر ممتاز يفترض أن يبدأ بأدنى شريحة ويشمل السوق المفتوح. إذا انضبطت اسعار عقارات الدولة، السوق سيتبعها.
مهم أيضاً ان يكون ربط الاسعار والدمج بمعزل عن مسألة التمويل.
أي ان تبدأ اسعار السكن الخاص بأدنى شريحة دخل فردي تحديداً رب الاسرة لوحده. بمعزل عن دخل زوجته، تمويل، أو الدمج ليلحق الاسعار المتضخّمة الراهنة. الأكيد ان الدمج سيرفع الاسعار اكثر مما هي مرتفعة. بعدها ندمج رواتب العيال والعمالة المنزلية؟
أخيراً، ان تأمين السكن لا يجب ان يكون بهذا الغلاء والعناء والبهلوانيات.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.